Credit: Joris Vens/Super Formosa Photography
مقدمة
الدعم المُقدَّم للتعليم العام قوي
إنّ حياة الأطفال تتقرر بناءً على الخيارات التعليمية. فأولياء الأمور لا يُضطرون إلى إجراء حسابات بسيطة للتكاليف المالية والمنافع وحسب، بل يتعيَّن عليهم أيضاً أن ينظروا في عوامل متعدّدة ومترابطة. والخيارات المرتبطة بما يجري تعليمه، وكيف، ومن قِبل من، وأين، تعكس وجهات النظر العالمية المُتَنافسة وتطلُّعات أولياء الأمور وغيرهم من أصحاب المصلحة في مجال التعليم. كما أنّها ترتبط ببُعدَين رئيسيَّين: ضبط وتوزيع الموارد، والقيم والمعتقدات في مجتمعٍ متغيِّرٍ. وتتّسم خيارات التعليم بطابعٍ سياسي إلى حدٍّ بعيد، كما أنها تنعكس صراحةً أو ضمناً في البرامج السياسية. وفضلاً عن العوامل الظرفية والعقائدية الفردية، فإن مفاهيم التحديات الاجتماعية وأوجه الترابط الواجبة بين الحكومة والشعب والمؤسسات تختلف من بلدٍ إلى آخر. وتؤثر هذه المفاهيم على المواقف إزاء اختيار أي سياسات يتعيَّن على الحكومة مواصلتها وعلى الأشخاص الذين سيستفيدون من هذه السياسات.
صدرت الغالبية الساحقة من البحوث بشأن دعم التعليم العام عن بلدان مرتفعة الدخل. وفي استطلاعٍ حديثٍ للسلوكيات أجري في الدانمرك، وفرنسا، وألمانيا، وأيرلندا، وإيطاليا، وإسبانيا، والسويد، والمملكة المتحدة، تبيَّن أنه عندما طُلب من المستجيبين اختيار أولويةٍ واحدة للإنفاق الإضافي من بين ثمانية مجالات مُحتملة، احتل التعليم المرتبة الأولى بنسبة 28 في المائة، واحتلت الرعاية الصحية المرتبة الثانية بنسبة 22 في المائة. وفيما دعم 77 في المائة من المستجيبين خيار المدرسة، اعترضت نسبة 60 في المائة منهم على إعطاء حيِّزٍ كبيرٍ للمدارس الخاصة في نظام التعليم الوطني.
ولدى إعداد هذا التقرير، جرى تحليل بيانات الوحدة الخاصة الصادرة عن برنامج المسح الاجتماعي الدولي (ISSP) لعام 2016 بشأن دور الحكومة، إذ عالج موضوع الدعم المُقدَّم إلى التعليم العام مع النظر إلى 35 بلداً كمثال، بما فيها 10 بلدان متوسطة الدخل. بشكلٍ عام، ذكرَ 89 في المائة من المستجيبين أن الحكومات هي المسؤولة الأولى عن توفير التعليم المدرسي، وذكرَ 6 في المائة منهم أن المسؤولية تقع على عاتق العائلات، وذكرَ 5 في المائة منهم أنها مسؤولية مؤسسات أخرى (الشركات الخاصة، والمنظمات الربحية، والمؤسسات الخيرية والتعاونية، والمنظمات الدينية). غير أن بعض النتائج أظهرت ميلاً كبيراً إلى المؤسسات غير التابعة للدولة، إذ عبّر المستجيبون في الهند (46 في المائة)، [1]والفلبين (63 في المائة)، وشيلي (76 في المائة) عن أقل نسبة دعم للتعليم الذي يوفره القطاع العام (الشكل 1).
الشكل 1: في معظم البلدان الخاضعة للدراسة، حصل التعليم الذي يوفّره القطاع العام على نسبةٍ من الدعم تفوق 80 في المائة
نسبة الأشخاص البالغين الذين وجدوا أن المسؤولية الأولية لتوفير التعليم المدرسي تقع على عاتق الحكومة، 2016
[1]سوف تُخصَّص النسخة الإقليمية من هذا التقرير حول الجهات الفاعلة غير الحكومية في قطاع التعليم لِـ جنوب آسيا.
الخرافة 1. يمكن التمييز بوضوح بين الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية
الخرافة 2. مدى الخصخصة معروف.
الخرافة 3. القطاع الخاص هو المُلام على تخصيص قطاع التعليم.
الخرافة 4. التعليم العام قائم على المساواة.
الخرافة 5. يختار أولياء الأمور المدرسة على أساس معلوماتٍ دقيقة عن الجودة.
الخرافة 6. المنافسة تؤدي إلى تحسين مستوى المدارس.
الخرافة 7. المدارس والجامعات الخاصة هي الأفضل.
الخرافة 8. القطاع الخاص هو الحل لمشكلة غير الملتحقين بالمدارس.
الخرافة 9. القطاع الخاص هو الحل لفجوات التمويل في التعليم.
الخرافة 10. اللوائح التنظيمية كفيلة بمعالجة كل الشكوك المحيطة بالخدمات المُقدَّمة من جهات غير تابعة للدولة.
يدافع المؤيدون والمعارضون من الجهات الفاعلة غير الحكومية في قطاع التعليم عن قضاياهم بما يتعلق بالقدرة والشرعية المنوطة بالجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية بُغية تعزيز الكفاءة، والإنصاف والشمول، والابتكار في قطاع التعليم. وتظهر هذه المسائل من خلال نظرة الناس إلى التعليم على أنه سلعة أو خدمة يتعيَّن تقديمها من خلال السوق، وما إذا كان التعليم موضع اختيارٍ أمام الناس.
هل تُعدّ الجهات الفاعلة غير الحكومية أكثر كفاءةً من حيث التكلفة في قطاع التعليم؟ يدافع المؤيدون للأنشطة التعليمية غير التابعة للدولة عن هذا الخط باعتبار أنه محتَّم بما أن الدولة غير قادرة على تلبية مجموعة الطلبات الكاملة لقطاع التعليم. وبغضّ النظر عن الدوافع التي تقود الجهات الفاعلة غير الحكومية، سواء كان الدافع هو عمل خيري، أو معتقدات، أو أفكار، أو أرباح، طالما أن توفير السلع والخدمات التعليمية ملبياً للطلب، يُعد إنشاء السوق ممكناً – وإن لم تكن هذه السوق تقليديةً، فلتكن سوقاً منظّمةً على الأقل. ومن خلال السوق، يمكن العمل على تحقيق أهداف كفاءة التكلفة.
أمّا المعارضين للأنشطة التعليمية غير التابعة للدولة، فيجادلون بالقول إنه إذا كانت الممارسات ذات الكفاءة من حيث التكلفة موجودة فإنها يجب أن تُنشر في كل النظام التعليمي وينبغي ممارستها من جانب كل المدارس، سواء كانت حكومية أو غير حكومية. وإذا ما نظرنا إلى أي بلدٍ يتقاضى فيه المعلّمون رواتب مرتفعة جداً، يجب أن يكون ذلك شأناً تعالجه السياسة العامة بدلاً من كونه سبباً لتغيير نموذج توفير التعليم. قد تعمل الجهات الفاعلة غير الحكومية على زيادة كفاءة التكلفة من خلال توظيف معلّمين من الشباب أو غير مؤهلين، وهو حلٌّ غير مستدام. ويبدو من الصعب مقارنة التكاليف بشكلٍ موثوقٍ بين المدارس الحكومية وغير الحكومية. فالمدارس الرسمية قد تفيد فئات السكان المحرومين، إذ يبدو توفير التعليم لهم أكثر كلفةً.
هل تقدم الجهات الفاعلة غير الحكومية تعليماً قائماً على الإنصاف والشمول؟ يدافع المؤيدون للتعليم غير الحكومي عن رأيهم بتبرير أنّ المؤسسات غير التابعة للدولة تساعد بدورها على إعمال الحق بالتعليم. وفي سياقاتٍ متعدّدة، نجحت الجهات الفاعلة غير الحكومية في سد فجواتٍ حقيقية في توفير التعليم، وغالباً ما أفادت الفئات المحرومة المُهمَلة في الأنظمة التعليمية العامة. وكثيراً ما ترددت الحكومات في إنشاء المدارس في التجمعات السكانية العشوائية، كما هي الحال في باكستان. كما أن الجهات الفاعلة غير الحكومية تقدم مساهماتٍ قيمة في سياق الأزمات وحالات الطوارئ، كما جرى في أعقاب الزلزال الكارثي الذي ضرب نيبال عام 2015. وفي السلفادور، في المناطق الحضرية المتضررة من أعمال العنف والعصابات، تبدو حصة الالتحاق في المدارس غير الحكومية ضعف معدّلها في المدارس الوطنية.
يشير المعارضون للمدارس غير الحكومية إلى المشاكل الناتجة عن اختيار المدرسة. فأولياء الأمور إذا تمكنوا من اختيار المدرسة التي يريدونها، من دون لوائح يُسترشد بها، فهذا يعني أن الأغنياء هم أكثر قدرة على اختيار أفضل المدارس، التي تكون غير تابعة للدولة في معظم الأحيان، وهذا الأمر يزيد من عدم المساواة، والتقسيم الطبقي، والتفريق. ويتطلب اتخاذ القرار من جانب أولياء الأمور معلوماتٍ صحيحة، ولكن المعلومات بشأن خصائص المدارس تبدو غير متوفرة، أو إذا توفرت، فإنها تُقدَّم بشكلٍ غير متساوٍ، مع قلّة سُبل إتاحتها للسكان المحرومين. بالإضافة إلى ذلك، هناك فئات متعددة من السكان يصعب الوصول إليها وقد يتردد مقدمو الخدمات في تقديم خدماتهم إليها.
وبعض الذين يظنون أن الحكومة لا يجب أن تلعب دوراً رئيسياً في توفير التعليم، يعترضون على صلاحياتها باتخاذ القرار بشأن محتوى التعليم أو قدرتها على توفير التعليم بالمستوى المنشود. قد يدافع أولياء الأمور عن مؤسسات التعليم المنفصلة وغير الحكومية بسبب قلقهم من أن المدرسة الرسمية المحلية تهدد القيم الثقافية أو العرقية أو اللغوية أو الدينية للمجتمع الذين يريدون لأبنائهم الترعرع في كنفه. ولكن الحكومات قد تجادل بأن هذا قد يتعارض مع التزامها بتوفير تعليمٍ قائمٍ على المساواة والشمولية، ويتداخل مع قدرتها على تطبيق معايير موحدة سعياً منها إلى تقديم جودة التعليم نفسها إلى جميع الأطفال، دون استثناء.
هل تستطيع الجهات الفاعلة غير الحكومية أن تضفي مزيداً من الابتكار على التعليم؟ يؤكد المؤيدون لاشتراك القطاع غير الحكومي في التعليم على أنه يساهم في زيادة الابتكار. وقد نشأت كثير من الأفكار التي حوّلت المفاهيم التربوية على هوامش نُظُم التعليم العام أو حتى خارجها. وقد تنامت نُظُم التعليم العام وأصبحت نُظُماً بيروقراطية كبيرة ومركزية قد تتغاضى عن فئة السكان التي يجدر بها خدمتهم. ويبدو شائعاً أيضاً أنها تقلل من شأن المبادرات، وتفرض توحيد المعايير إلزامياً، وتثبط الطلاب والمعلمين.
إنّ طرح الابتكار يشكّل مهمة معقدة بالنسبة إلى نُظُم التعليم العام. إذ ينبغي تجريب واختبار التغيُّرات لأغراضٍ متعلقة بإمكانية التوسُّع. وقد تشمل التحديات العوائق البيروقراطية، وفجوات القدرة التنظيمية، ونقص الحوافز لدى المعلمين وأولياء الأمور، ومحدودية الإمكانات المالية والتدخل السياسي والمعارضة. ولكن الجدير بالذكر أن نُظُم التعليم العام ليست ميالة سلباً إلى الابتكار من ناحية تصميمها. كما أن بعض الجهات الفاعلة غير الحكومية تختبر إمكانية سير بعض الابتكارات في التعليم العام.
وغالباً ما يُحجب النقاش بشأن الابتكار من خلال الإشارة إلى بعض المفاهيم الأساسية بأساليب متناقضة. وتلقى مسألة توحيد المعايير هجوماً من جانب المعارضين، إذ يتكلمون عن أوجه عدم المرونة وفرض المطابقة ونقص التمايز في نُظُم التعليم العام، فيما تحظى بدفاعٍ من جانب المؤيدين الذين يشجعون اتباع مناهج أساسية مشتركة لضمان تلبية المعايير في جميع المدارس، والذين يرون أنها تشكل ضغطاً تنافسياً، غالباً ما يتأثر بمقدمي القطاع الخاص، ما يعجّل الميل إلى المطابقة. وفي نهاية المطاف، قد تؤدي مسألة توحيد المعايير إلى إحباط الابتكار بناءً على تعريف المعايير المُعتمدة. فبعض المصطلحات مثل “المحاسبة”، و”الاستقلالية الذاتية”، و”الاختيار” قد حظيت بتأييدٍ ومعارضةٍ على حدٍّ سواء باعتبارها مبادئ تنظيمية في مجال التعليم. وبينما يمكن النظر في الأسس الموضوعية لأي فكرةٍ من هذه الأفكار، إلا أنها لا تبرر بالضرورة الدور الكبير الذي يلعبه القطاع غير الحكومي، لا سيّما الخاص، في تقديم السلع والخدمات التعليمية.
توفير الخدمة
الالتحاق بالمدارس غير الحكومية يتنامى. زادت حصة المؤسسات الخاصة حول العالم بنسبة 7 في المائة خلال 10 أعوامٍ تقريباً، إذ قفزت من 10 في المائة عام 2002 إلى 17 في المائة عام 2013 في التعليم الابتدائي، ومن 19 في المائة عام 2004 إلى 26 في المائة عام 2014 في التعليم الثانوي، ولكنها ظلت ثابتة تقريباً منذ ذلك الحين (الشكل 2).
الشكل 2: حصص الالتحاق بالمؤسسات الخاصة هي الأعلى في جنوب آسيا.
نسبة الالتحاق بالمؤسسات الخاصة، حسب المرحلة التعليمية، 1990-2019
الملكية، والإدارة، والتمويل هي المعايير التي يُستند إليها عادةً لتعريف القطاع غير الحكومي. يمكن تصنيف مقدّمي الخدمات والسلع إلى مجموعات بناءً على العلاقة التي تربطهم بالدولة، ودوافعهم، وأسعارهم. وقد أظهر التحليل الوارد في هذا التقرير أن المدارس القائمة على أسسٍ دينية موجودة في 124 بلداً من بين 196 بلداً. والمدارس التابعة للجمعيات الأهلية والمدارس المجتمعية موجودة في 74 بلداً من بين 196 بلداً، وهي غالباً في سياقات الطوارئ. أما المدارس الربحية فتشكّل أقلية، إلا في بعض السياقات المحددة مثل الإمارات العربية المتحدة. وهناك مجموعة كبيرة من المدارس ذات رسوم متواضعة، غالباً ما تكون مملوكة من شخصٍ واحد، في بلدانٍ منخفضة الدخل ومتوسطة الدخل في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وفي آسيا، وتُعرف بأنها مدارس خاصة منخفضة الرسوم.
المدارس الحكومية وغير الحكومية تختلف من حيث سعة قبول الطلاب والموارد. إن اختيار الالتحاق بمدارس خاصة مُتاحٌ لعددٍ قليلٍ من الأطفال الفقراء. ولتقييم جودة التجربة التعليمية، ينظر أولياء الأمور في حجم الصف وعدد التلاميذ، ومؤهلات المعلِّم وجهده، ومدى استجابة المدرسة لمتطلباتهم، والانضباط والسلامة، ولغة التدريس، والدين، والعرق، والثقافة. وفي المملكة المتحدة، أُجريَ تحليلٌ يتناول 18 ألف مدرسة إنكليزية للمقارنة بين المدارس العامة والمدارس العامة الخاضعة لإدارةٍ خاصة، وتبيَّن أن نسبة المعلمين غير المؤهلين كانت أكبر في المدارس الخاضعة لإدارة خاصة. وقد تختلف المدارس العامة عن المدارس الخاصة من حيث موارد أخرى. ففي أمريكا اللاتينية، يبلغ متوسط عدد الحواسيب لكل تلميذٍ في المدارس الخاصة ضعف العدد في المدارس العامة.
معظم الأدلة تشير إلى استفادة محدودة من التعلُّم في المدارس الخاصة. أظهرت البيانات الواردة عن 31 بلداً منخفض الدخل ومتوسط الدخل أن القسط التقديري للدراسة في مدارس خاصة انخفض بنسبة النصف إلى الثلثَين بعد تعديله وفقاً للوضع المالي الخاص بالأُسر المعيشية. وفضلاً عن ذلك، فيما يمكن لمؤسسات التعليم الأساسي غير التابعة للدولة أن تسد الثغرات على المدى القصير والمتوسط، إلا أنها قد تؤدي إلى التفريق وعدم المساواة. ففي السويد، ضمّت 29 بلدية من بين 30 بلدية مدارس إعدادية قوية التفريق؛ وظهر في 16 بلديةٍ منها أن التفريق قائم بدرجةٍ كبيرة على اختيار المدرسة لطلابها. وفي حين أنّ المنافسة مع المدارس غير الحكومية من المتوقع أن تحفّز المدارس العامة على التحسين، إلا أن وجود مدارس خاصة أو غيرها في الجوار القريب قد لا يشكّل حافزاً كافياً لإدارات المدارس الحكومية كي تعمل، وكأنها لا تمتلك الموارد المالية أو الاستقلالية الذاتية بما يكفي للاستجابة.
التدريس التكميلي الخصوصي يكاد يكون عامّاً. إنّ هذه الظاهرة التي تبدو رائجة جدّاً في عدّة بلدانٍ من شرق آسيا والدول العربية تنتشر أيضاً في مناطق لم تكن شائعة فيها، مثل أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وأوروبا الشمالية. فطلب التدريس التكميلي غالباً ما يرتبط بحاجات الطلاب لتحضيرهم لامتحاناتٍ صعبة لكي يكسبوا ميزةً تنافسية. ولكن أثر الدروس الخصوصية على أداء التلميذ فردياً يبدو مختلطاً: أظهرت بعض الدراسات آثاراً إيجابية على التلاميذ الأكثر تأخُّراً، بينما أشارت دراسات أخرى أنها لا تؤدي لأي أثرٍ إيجابي ممنهج على أداء التلميذ. وفضلاً عن ذلك، إن الدروس الخصوصية قد تضعف أداء نظام التعليم عبر التأثير سلباً على سلوك الطلاب والمعلمين.
تختلف سياسة الكتب المدرسية والشراء والتوزيع من ناحية مشاركة الدولة. في بعض البُلدان، تُنشر الكتب الدرسية بصورةٍ أساسية عن طريق الشركات التي تملكها الدولة وتديرها؛ وفي بُلدان أخرى هناك نظام مختلط قائم على دور النشر العامة والخاصة. وفي عدّة بلدان مرتفعة الدخل، بما فيها إسبانيا، تُترَك عملية إنتاج الكتب المدرسية بصورةٍ أساسية لمقدّمي السلع التجاريين، مع مشاركة الحكومة في توفير المبادئ التوجيهية والموافقة على العروض. ولكن هذه المسألة لا تبدو سهلة في البلدان الأكثر فقراً، حيث غالباً ما يؤدي التفاعل بين الناشرين الدوليين والجهات المانحة والمصالح المحلية إلى تعقيد الانتقال إلى النشر المحلي. مثلاً، تهيمن دار “إديسيف” (Edicef) على صناعة الكتب في غابون، وهي ذراع خاصة بنشر الكتب المدرسية تابعة لدار “هاشيت-ليفر” (Hachette Livre) الفرنسية، إحدى أكبر دور النشر في العالم.
الدفع نحو رقمنة المحتوى تديره دور النشر الكبرى وشركات التكنولوجيا. عمدت شركة “بيرسون” (Pearson) الرائدة في السوق العالمية في مجال نشر الكتب المدرسية إلى تغيير شعارها من “أكبر ناشر للكتب المدرسية ومواد التعليم عبر الإنترنت” إلى “شركة التعلّم الرقمي حول العالم”، مع تركيزٍ إضافي على التدريس المدرسي والتقييم عبر الإنترنت. وعدا عن ناشري الكتب المدرسية إقليمياً وعالمياً، دخلت كبرى شركات التكنولوجيا على الخط في قطاع التعليم عبر الإنترنت، وتعزّزَ هذا الاتّجاه في أثناء جائحة كوفيد-19. وأظهر تحليلٌ أجريَ في الولايات المتحدة وتناول تجارب عملية شراء تكنولوجيا التعليم، أن المناطق التعليمية والمدارس غُمرت بالآلاف من بائعي تكنولوجيا التعليم ممّن يسوّقون لمجموعةٍ واسعة من المنتجات.
الحكومات تستعين بمزيد من المصادر الخارجية لتأمين خدمات الدعم في التعليم. تتخوّف الآراء المنتقدة لاستعانة الحكومة بمصادر خارجية من أنّ الخصخصة قد تُضعف الخدمات العامة والروح المهنيّة. وقد تبيّن في تحليلٍ أسترالي أن زيادة التعاقد مع عمال النظافة أدى إلى غزارة في متعهدي التنظيفات، مما أدى إلى زيادةٍ في تدني الأجور، وتقليل ساعات التنظيف، وانخفاض مستوى الصحة المهنية ومعايير السلامة.
الحوكمة والتنظيم
حوكمة مقدّمي خدمات التعليم غير التابعين للدولة غالباً ما تكون مجزّأة. تُعد الحوكمة الرشيدة واللوائح التنظيمية الفعالة عوامل رئيسية في تحديد قدرة الحكومة على تقديم التعليم بصورةٍ منصفة وبنوعيةٍ جيدة. ففي 94 بلداً، تواجه المخططات والاستراتيجيات التي تعتمدها الحكومة في قطاع التعليم تدخُّلاً من جانب الجهات الفاعلة غير الحكومية لا سيّما في تقديم خدمات التعليم أو خدمات أخرى. وتتحمل الوزارات أو الإدارات العامة مسؤوليةً مشتركة في بعض البلدان. وأي تجزئة، وضعف في التنسيق، وتداخُل في الأدوار، أو عدم وضوح في تحديد المسؤوليات قد يؤثر سلباً على الإنصاف والجودة. وتُعد وزارات التربية مسؤولة عن المؤسسات التربوية غير التابعة للدولة في 83 في المائة من البلدان، بينما توجد سلطات متعددة في 13 في المائة من البلدان. وفي 39 في المائة فقط من البلدان هناك إدارة، أو شعبة، أو وكالة للتعليم الخاص على المستوى الوطني تابعة لوزارة التربية. وتُنقل المسؤولية من وزارة التربية إلى وزارة الشؤون الدينية بما يخص المدارس القائمة على أسسٍ دينية في 22 في المائة من البلدان – وفي 70 في المائة من شمال أفريقيا وغرب آسيا.
آليات التمويل تؤثر على الحوكمة. تحصل الجهات غير الحكومية على دعمٍ ماليٍّ مباشر أو غير مباشر بأشكالٍ متنوعة: مساعدة مالية للطلاب (في 79 في المائة من البلدان)، دعم مقدّم لأولياء الأمور (19 في المائة)، دعم لرواتب المعلمين أو لخبرات عملية أخرى (حوالي 60 في المائة)، قروض أو هبات (19 في المائة). وتشمل الشراكات بين القطاع العام والقطاع الخاص عدّة مستوياتٍ من المشاركة بين كل جهةٍ فاعلة، إلى جانب التنوُّع على مستوى السياسات والترتيبات التنظيمية. وقد أظهر استعراض الدراسات حول آليات التمويل أن تأثيرها غالباً ما كان سلبياً. ففي ثُلُثَي الدراسات على الأقل (40 في المائة) من بين 98 دراسة، تبيَّن أن أثر آليات التمويل كان سلبياً على الإنصاف في الدعم المالي، وبرامج المساعدة والبرامج الخاصة.
ينبغي للوائح التنظيمية أن تساعد على تحسين الجودة والإنصاف في قطاع التعليم. تعتمد كل البلدان تقريباً لوائح تنظيمية تنص على شروط إنشاء مدرسة غير حكومية وتشغيلها، بما فيها التسجيل والترخيص. وقد اعتمدت 80 في المائة من البلدان لوائح تنظيمية تتعلق بشروط المكان والمساحة، على سبيل المثال حجم الأرض أو المبنى والحد الأدنى لمساحة الصف الدراسي. ففي ولاية هاريانا الهندية، يجب أن تكون المباني مملوكة أو مُؤجَّرة لمدةٍ لا تقل عن 20 سنة لإنشاء مدارس فيها. وتستخدم ولايةٌ أخرى، وهي أوتار براديش، معيارَين اثنَين للاعتراف بمدرسة: توفير حد أدنى من المساحة لكل طالب (9 م2) ومساحة الصف الدراسي (180 م2). كما تغطي اللوائح التنظيمية المياه والصرف الصحي. ففي 47 في المائة من البلدان التي لديها بيانات، المراحيض غير المختلطة مطلوبة في المدارس غير الحكومية. وفي 74 في المائة من البلدان، تخضع نسب التلاميذ / المعلمين للتنظيم. وفي حوالي 45 في المائة من البلدان تُعتمد لوائح تنظيمية تتعلق بإجراءات القبول في المدارس غير الحكومية، بينما تعكف 67 في المائة من البلدان على تنظيم الرسوم في المدارس غير الحكومية في التعليم الإلزامي. وما يزيد عن نصف هذه البلدان بقليل فحسب تعتمد لوائح تنظّم المناهج الدراسية. وعلى مرّ السنوات العشر الماضية، عكف 21 بلداً على وضع لوائح تنظيمية تتعلق بتحقيق الربح ووضع 80 بلداً لوائح تشترط شهادة اعتماد للمعلّمين.
ضعف التنفيذ والمحاسبة غير الدقيقة تقوّض الجودة والإنصاف في التعليم. إن وجود لوائح معمول بها لا يعني بالضرورة أن المؤسسات التعليمية الخاصة تمتثل لها. ففي بعض البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا، تبدو إجراءات التسجيل معقدة أو مكلفة أو طويلة، مما يثني مقدّمي الخدمة عن التماس اعترافٍ رسمي. وقد وافقت حكومة ولاية لاغوس بنيجيريا على 1 طلب فقط من بين 4 طلبات من مجموعٍ يبلغ نحو 20 ألف مدرسة خاصة حتى عام 2021. تعترف الإحصاءات في 27 بلداً على الأقل بالمدارس غير المُسجَّلة. تصنّف أوغندا المدارس غير الحكومية على أنها مُرخَّصة، مُسجَّلة وغير مُسجَّلة: تبلغ نسبة المدارس غير المسجّلة 14 في المائة من المدارس الابتدائية و13 في المائة من المدارس الثانوية. كما أن عدم وجود رقابة قد يؤدي إلى اختيار الطلاب بشكلٍ غير نظامي. وفي بوغوتا بكولومبيا، وضع برنامج التسهيلات المدرسية في المدارس المستقلة، والذي أنشئ لمساعدة الطلاب الفقراء، سياسة قبولٍ على أساس عدم التفرقة وقرب المدرسة من المنازل؛ ولكن في الواقع، كان التلاميذ يُنتقون على أساس أدائهم الأكاديمي ولو بصورةٍ غير رسمية.
العمليات والمعايير المرتبطة بضمان الجودة تتغير. عملياً، يُطبّق كل بلد معايير المدارس غير الحكومية من خلال عمليات التفتيش في المدارس. وفي 81 في المائة من البلدان، يُعنى هذا الالتزام بجميع أنواع المدارس غير الحكومية؛ وفي 6 في المائة من البلدان، يتناول المدارس التي تتلقى مساعداتٍ حكومية وحسب. بالإضافة إلى ذلك، وضعت 81 في المائة من البلدان أنظمة تفرض مشاركة المدارس غير الحكومية في عمليات تقييم واسعة النطاق. وفي نصف هذه البلدان تقريباً، يُعنى هذا الالتزام بجميع أنواع المدارس غير الحكومية؛ وفي 12 في المائة من البلدان، يتناول المدارس التي تتلقى مساعداتٍ حكومية وحسب.
آليات المحاسبة الفعالة وآليات الجزاءات والانتصاف قد تعزز الامتثال أيضاً. ينبغي للحكومة أن تحاسب مقدمي خدمات التعليم على عدم الامتثال لمعايير الجودة، والمدخلات، والسلامة، وإشراك الجميع دون تفريق. تعكف جميع البلدان تقريباً على تطبيق الجزاءات، وإغلاق المدرسة أو سحب الترخيص إذا ثبت عدم امتثال مدرسة غير حكومية للأنظمة. وهناك 54 في المائة من البلدان التي تنظم أيضاً مدّة إغلاق المدرسة. وقد وضع 90 بلداً مدوَّنات قواعد أخلاقية أو مدوَّنات قواعد سلوك للمعلّمين والموظّفين، ما يشمل غالباً المؤسسات غير التابعة للدولة.
الدروس الخصوصية التكميلية نادراً ما تخضع للتنظيم. لا تخضع الدروس الخصوصية للتنظيم الرقابي في 48 في المائة من البلدان. ويعكف 53 بلداً فقط على تنظيم الدروس الخصوصية في التشريعات المتعلقة بالتعليم، فيما يتم تنظيمها في 19 بلداً آخر ضمن القانون التجاري. في 31 في المائة من البلدان، تنص اللوائح التنظيمية على مؤهلاتٍ محدَّدة مطلوبة لدى المعلمين الخصوصيين؛ وهناك 10 بلدانٍ تمنع المعلمين من إعطاء الدروس الخصوصية بشكلٍ صريح. وقد وضعت الصين قانوناً جديداً عام 2021 يمنع المؤسسات التي تعلّم المناهج الدراسية الإلزامية من جنيِ الأرباح، وأيضاً من زيادة رأس المال، ما يحول دون إصدار تراخيص جديدة. وبالتالي، يتعيَّن على الشركات أن تتحوّل إلى مؤسسات غير ربحية لكي تتمكن من مواصلة عملياتها. وأنشأت الحكومة إدارةً تُعنى حصراً بتنظيم شركات الدروس الخصوصية ورصدها.
التمويل
تعتمد الحكومات قرارات متنوعة لناحية تمويل أو عدم تمويل وطريقة تمويل المؤسسات التعليمية غير التابعة للدولة. في كندا، تقوم الحكومة بتغطية 30 في المائة من الإنفاق على المدارس الخاصة و94 في المائة من الإنفاق على المدارس العامة. وفي هولندا، تحصل جميع المدارس، أياً كان نوعها، على هباتٍ إجمالية مخصصة لنفقات الموظفين وتكاليف التشغيل، وعلى أموالٍ إضافية للتلاميذ الآتين من بيئاتٍ اجتماعية واقتصادية محرومة وللطلاب ذوي احتياجاتٍ تعليميةٍ خاصة. منذ العام 2000، شهدت بلدان متعددة بما فيها شيلي وهنغاريا والسويد والمملكة المتحدة زيادةً في نسبة التسجيل في المدارس الخاصة التي تتلقى مساعداتٍ من الحكومة، وتحديداً لدى ما يتلقّى منها 50 في المائة من تمويلها على الأقل من الحكومة.
تؤمّن الحكومة التمويل لبعض النفقات المحدَّدة في المدارس غير الحكومية. في بنغلاديش، تحصل حوالي 16000 مدرسة ثانوية غير حكومية و7600 مدرسة إسلامية، وتمثل معاً التحاق 96 في المائة من جميع طلاب البلد، على مبالغ شهرية لتمويل رواتب المعلمين. أما في هايتي، لا تغطى أجور المعلمين في المدارس الخاصة، ذلك أن 85 في المائة من المدارس الابتدائية في هايتي هي غير حكومية. وفي الهند، فقط 6 في المائة من المدارس الابتدائية والثانوية حصلت على هباتٍ لتمويل رواتب المعلمين في 2020/2019. وفي إندونيسيا، تشكّل المدارس الإسلامية والمدارس الداخلية الإسلامية، التي تُعرف باسم بيسنترين، 35 في المائة من إجمالي المدارس الخاصة في البلد، وهي غير مشمولة بآليات التمويل.
بعض الحكومات تدعم قبول الطلاب المحرومين في المدارس غير الحكومية. في الهند، ينص قانون الحق في التعليم الصادر عام 2009 على إلزام المدارس الخاصة بتوفير 25 في المائة من الأماكن في الصف الأول للأطفال ذوي الأُسر المنخفضة الدخل؛ وبالمقابل، تسدد الحكومة الرسوم المدرسية الخاصة بهم. وعلى العكس، لم تسعَ حكومة كوت ديفوار إلى تكافؤ فرص الحصول على تسجيل، حيث زاد عدد الطلاب في المدارس الثانوية المدعومة بأربعة أضعاف بين فترة الأعوام 2011/2010 و2018/2017.
تواجه الأُسر المعيشية أعباءً ضخمة وخيارات صعبة. يشكّل إنفاق الأُسر المعيشية على التعليم 0.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في البلدان المرتفعة الدخل، و1 في المائة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. وشكّل إنفاق الأُسر المعيشية على التعليم نسبة 1.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في السلفادور، و1.5 في المائة في المغرب، و1.8 في المائة في الهند، و2.5 في المائة في غانا. وفي حين أنّ 20 في المائة من الأُسر المعيشية الأكثر فقراً لا تنفق شيئاً عملياً على التعليم في الأرجنتين وكوستاريكا والفلبين وزامبيا، يبدو أن 20 في المائة من الأُسر المعيشية الأكثر ثراءً تنفق بين 0.5 في المائة و1.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
التعليم العام غالباً ما لا يكون مجاناً. يأتي حوالي ثلث إنفاق الأُسر المعيشية على التعليم في البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل من الأُسر التي سجّلت أولادها في مدارس عامة. ففي غواتيمالا وباكستان، تُشكل الأُسر المعيشية ممّن لديها أولاد في مدارس خاصة حوالي 80 في المائة من نسبة الإنفاق؛ أما في الصين وكينيا فالأُسر المعيشية ممّن لديها أولاد في مدارس عامة فتشكّل حوالي 60 في المائة من نسبة الإنفاق. وفي المناطق الريفية من جمهورية تنزانيا المتحدة، يرى أكثر من ثلاثة أرباع الأُسر أن دفع المساهمات للمدرسة الابتدائية هو أمر إلزامي، مع الإشارة إلى أن الأطفال قد يُعاقَبون إذا تأخر أولياء الأمور في دفعها. وفي أستراليا، تؤدي مساهمات أولياء الأمور إلى تفاقم أوجه عدم المساواة بين المدارس.
رسوم الدروس التكميلية الخصوصية تشكل تكلفة رئيسية بالنسبة لكثير من الأُسر المعيشية. في الصين، خصصت الأُسر المعيشية عام 2017 حوالي الثلث من إجمالي الإنفاق على التعليم للتكاليف خارج المدرسة، ما يتراوح من 17 في المائة للأُسر الريفية إلى 42 في المائة للأُسر الحضرية. وفي مصر، كحصةٍ من متوسط الإنفاق لكل فردٍ، بين طلاب التعليم الثانوي العام، ينفق الآتون من الشريحة الخمسية الأكثر ثراءً 51 في المائة على الدروس الخصوصية، وينفق الآتون من الشريحة الخمسية الأكثر فقراً 29 في المائة عليها. وفي ميانمار، تشكّل الدروس الخصوصية 42 في المائة من إجمالي الإنفاق على التعليم للأُسر المعيشية.
يعتمد مقدمو خدمات التعليم الخاص على إنفاق الأُسر من أموالها الخاصة. تتلقى معظم المدارس الثانوية الخاصة 80 في المائة من عائداتها على الأقل من الرسوم المدرسية في 28 نظاماً من بين 51 من النُظُم التعليمية ذات الدخل المتوسط والمرتفع. وفي البلدان المنخفضة الدخل والأقل دخلاً، يعتمد أولياء الأمور الفقراء استراتيجيات متنوعة للتعامل مع نفقات المدرسة الخاصة. وقد أظهرت الإحصاءات أنه عالمياً، هناك عائلة واحدة من بين كل ست عائلات تدّخر لتسديد الرسوم المدرسية، فيما تلجأ حوالي 8 في المائة من الأُسر لاقتراض المال. وفي هايتي وكينيا والفلبين وأوغندا، يلجأ 30 في المائة أو أكثر من الأُسر إلى اقتراض المالي لتسديد الرسوم المدرسية.
تمويل المدارس الخاصة تأثر بدرجةٍ كبيرة بجائحة كوفيد-19. أثّرت الجائحة على المدارس الخاصة، لا سيّما ما يعتمد منها على الرسوم المدرسية. وقد أطلقت نيجيريا مجموعة حوافز تشمل قروضاً منخفضة الفائدة لدفع أجور المعلمين في المدارس الخاصة. وفي غانا، تلقّت المدارس الخاصة دعماً مالياً كجزءٍ من برنامجٍ عام موجَّه للشركات الصغيرة والمتوسطة. وقد وسّعت فييت نام برامج تحويل المبالغ النقدية لتشمل المعلمين في المدارس الخاصة. وفي بنما، لم يتمكن 35 إلى 40 في المائة من أولياء الأمور من دفع الأقساط الشهرية. وفي إكوادور، ارتفع معدّل التسجيل في المدارس العامة بنسبة 6.5 في المائة أو ما يعادل 120 ألف تلميذ انتقلوا من مدارس خاصة.
يخضع استخدام المساعدات لتمويل مؤسسات التعليم الخاص للمناقشة. من أصل ميزانية مرصودةٍ للتعليم تبلغ قيمتها 1.2 مليار دولار أمريكي، خصصت المؤسسة المالية الدولية 15 في المائة منها لسلاسل المدارس الخاصة، ولكنها جمّدت استثمارها عام 2019 في المدارس الخاصة التي تفرض رسوماً مدرسية على أولياء الأمور بعد الضغط الذي أُجريَ عليها من قِبل منظمات المجتمع المدني. وقد طوّرت منظمة الشراكة العالمية من أجل التعليم استراتيجيةً للقطاع الخاص، ولكن المعارضة في أثناء المفاوضات أدت إلى وضع بندٍ يمنع استخدام أموالها لدعم المؤسسات الربحية التي تقدّم خدمات التعليم الأساسية.
الجهات المانحة تجرّب سُبُل الشراكة بين قطاعَي التعليم العام والخاص. في مصر، والفلبين، وجنوب أفريقيا، عمدت الحكومات التي تعاني ضائقةً مالية إلى زيادة رؤوس الأموال الخاصة لتعزيز وتوسيع الهياكل الأساسية للتعليم العام. وقد بحثت بعض الجهات المانحة في سُبُل استخدام أموالها كعاملٍ مساعدٍ على زيادة التمويل عبر شراكاتٍ من هذا النوع. ولكن ما يثير القلق هو أن الحكومات قادرة على تصميم وتنفيذ وتنظيم الشراكات بفاعليةٍ أكبر باستخدام المشتريات الحكومية لتحقيق أهدافها.
المساهمة المالية في أنشطة التعليم الخيرية والتجارية محدودة. على الرغم من التصورات بنمو كمية الإنفاق على التعليم من المؤسسات الخيرية، فإنها لا تزال ضئيلة نسبياً. في التحليلات المنتظمة حول التبرعات الخيرية الواردة من 143 مؤسسة في شبكة المؤسسات العاملة من أجل التنمية، وهي مبادرة من منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، يُقدَّر أن قطاع التعليم تلقّى 2.1 مليار دولار أمريكي على مرّ الأعوام الثلاثة من 2013 إلى 2015. وهذا يعادل 9 في المائة من كل التبرُّعات الخيرية.
النفوذ
تقع الحجج المرتبطة بالكفاءة والابتكار والإنصاف في صميم النقاشات المتعلقة بدور الجهات الفاعلة غير الحكومية في قطاع التعليم. وتتسم النقاشات عادةً بالضغائن وعدم الثقة مع اصطدام نظرتَين مختلفتَين جداً حول العالم. وتحاول مجموعات فاعلة مختلفة أن تؤثر على الرأي العام وسياسات التعليم المؤيدة أو المعارضة لتفعيل الدور الذي تلعبه الجهات الفاعلة غير الحكومية. وتشمل أدواتها شبكات الضغط والمناصرة والبحوث والتمويل التي ترتبط دوماً ببيع السلع والخدمات. في هذه المنافسة بين الأفكار السياسية والمصالح الاقتصادية، حيث تستخدم الجهات الفاعلة وسائل مشروعة وغير مشروعة لتجعل وجهة نظرها مهيمنة، يبقى التحدي في المحافظة على الشفافية والنزاهة في عملية وضع السياسات التعليمية وإبقاء المصالح الشخصية في منأى عنها.
معظم المجموعات الفاعلة لا تتفق حول موقفٍ موحَّدٍ بشأن المؤسسات التعليمية غير الحكومية. غالباً ما تعبّر منظمات المجتمع المدني عن انتقادها وقلقها إزاء الخصخصة والاستغلال التجاري في قطاع التعليم داعيةً إلى إبقاء التعليم خاضعاً للرقابة الديمقراطية. ولكن حتى ضمن الحركات القائمة على الحقوق، مثل الحملة العالمية للتعليم، يُعرب الأعضاء عن آراءٍ مختلفة بعض الشيء تتأثر بالواقع القائم في بلدانهم. وفي دراسة استقصائية أجرِيَت لغرض إعداد هذا التقرير، أعرب 43 في المائة من الأعضاء عن رأيٍ سلبي بمؤسسات التعليم الربحية، فيما أيّد 12 في المائة منهم هذه المؤسسات؛ أما بالنسبة إلى الشراكة بين القطاعَين العام والخاص، فبلغت النسب 41 في المائة و20 في المائة، أما البقية فأعربت عن آراءٍ مختلطة.
شبكات المناصرة العالمية وضعت الخصخصة والاستغلال التجاري في خانة التهديد للحق في التعليم. هذه الرؤية تعبِّر عنها مبادئ أبيدجان بشأن الحق في التعليم، وهي مبادئ توجيهية بشأن التزامات الدول بحقوق الإنسان من أجل توفير تعليم عام وتنظيم مشاركة القطاع الخاص في التعليم. في عام 2018، تقدَّم 10 مواطنون كينيّون بدعوى إلى المستشار لشؤون التقيُّد بالأنظمة، آلية المحاسبة المستقلة لدى المؤسسة المالية الدولية، يدعون فيها أن شبكة «بريدج إنترناشونال أكاديميز» للمدارس الربحية كانت تنتهك المنهج الدراسي ومعايير الصحة والسلامة والعمل. وعام 2020، جمَّدت المؤسسة المالية الدولية كل الاستثمارات في سلاسل المدارس، بينما أطلق فريق التقييم المستقل التابع للبنك الدولي تقييماً للاستثمارات في المدارس الخاصة.
منظمات دولية كثيرة تقدم الدعم المطلق والموارد الوفيرة للمؤسسات التعليمية غير الحكومية، مما يؤثر على الأجندات. من بين المسارات التي يؤثر فيها البنك الدولي على وضع السياسات وحدة تُعنى بمشاركة القطاع الخاص، التي تُعد واحداً من أهم 13 مجالاً متعلقاً بالسياسات العامة لتشجيع التعلُّم وفق مبادرة النُهُج النظمية من أجل تحقيق نتائج أفضل في مجال التعليم (SABER). وقد أوصت بتوسيع نطاق التعليم الخاص في 9 من بين 10 بلدان. كما أن صندوق مخرجات التعليم الذي تستضيفه منظمة اليونيسف يجذب مستثمرين مؤثّرين لتمويل مشاريع قائمة على تحقيق نتائج، علماً أنهم لا يمتلكون سجلاً جيداً في مجال التعليم. وتشمل المنظمات التي استفادت من الدعم الدولي منظمة «آرك» (Ark) التي توسعت من العمل في المدارس العامة في إنكلترا إلى تقديم المشورة والمساعدة لتنفيذ شراكاتٍ بين القطاعَين العام والخاص في بلدانٍ مثل ليبيريا وجنوب أفريقيا.
تختلف مواقف المؤسسات بشأن رؤيتها للدور المنوط بالجهات الفاعلة غير الحكومية في قطاع التعليم. فالدوافع المتنوعة لدى المؤسسات التابعة لشركات والمؤسسات الخيرية تجعل من الصعب جمعها في فئةٍ واحدة. فمؤسسة «فاركي» مثلاً، التابعة لشركةٍ أم تدير شركة التعليم العالمية Global Education Management Systems، وهي أكبر سلسلة للمدارس الربحية حول العالم، تمنح جائزةً مرموقة للمعلِّمين ولكنها أيضاً تدير هيئةً من وزراء تربية ورؤساء حكومات سابقين. غالباً ما تُنتقد المؤسسات لأنها تحاول أن تمارس نفوذها على السياسات العامة باتّجاهٍ معيَّن. وقد ساعدت مؤسسة ليمان الخيرية على تعريف معايير التعلُّم الوطنية في البرازيل بعد استشارات متعددة.
لطالما ناضلت نقابات المعلمين وبذلت جهود المناصرة في الخطوط الأمامية لدعم التعليم العام. وقد كشفت النقابات بفاعليّة عن محاولاتٍ لإضعاف التعليم العام من خلال الاستغلال التجاري غير المبرر والاستعانة بمصادر خارجية لتقديم الخدمات العامة. وكان الاتحاد الدولي لنقابات المعلّمين يتساءل عما إذا كان توسيع الشراكات بين القطاعَين العام والخاص في أمريكا اللاتينية، مثلاً في كوستاريكا والجمهورية الدومينيكية، يأتي على حساب المؤسسات العامة التي تخدم الغايات نفسها. ولكن في بعض المناسبات، تعرّضت التكتيكات النقابية للانتقاد لأنها كانت تضعف الجهود الرامية إلى تعزيز التعليم العام.
المؤسسات التجارية تضع إطاراً لمناصرة الإصلاح في التعليم من ناحية رأس المال البشري. لقد أصدرت المؤسسة اليابانية للمنظمات الاقتصادية، على غرار جماعات الضغط الاقتصادية الفعالة حول العالم، توصياتٍ بشأن السياسات المتعلقة بالتربية والتعليم تدعو إلى تحديثها واعتماد مهارات القرن الحادي والعشرين. ولاقت هذه التوصيات بعض الانتقادات باعتبار أنها تتعارض مع ممارسات التوظيف والتدريب من جانب أرباب العمل. يطلب التحالف العالمي للأعمال التجارية مـن أجل التعليم (GBC-E) الخبرات والقيادة والموارد من الأعضاء لإعطاء التعليم مكانة سياسية مرموقة. وتجد الانتقادات أن أفضل سُبُل الدعم التي يمكن أن تُقدَّم للتعليم العام تكمن في المشاركة فعلياً في حملات ضد التجنُّب والتهرُّب الضريبي. وقد أثيرت جوانب تستدعي القلق بشأن الطريقة التي اعتمدتها شركات تكنولوجيا التعليم التي تستخدم تقنيات التسويق لتبيع منتجاتها للحكومات بطُرُقٍ لا تنسجم مع الصالح العام، إذ عمدت إلى تكثيف جهودها في إبان أزمة كوفيد-19 في أثر التحوُّل إلى التعلُّم عن بُعد.
الرعاية والتربية في مرحلة الطفولة المبكرة
الجهات الفاعلة غير الحكومية هي الرائدة في مجال الرعاية وخدمات التعليم للأطفال دون 3 سنوات. في 33 بلداً من البلدان المرتفعة الدخل، شكّلت المؤسسات الخاصة 57 في المائة من إجمالي الأطفال الملتحقين بالمدارس في عام 2018. ويحتل قطاع التعليم الربحي الحيّز الأكبر في كل من أستراليا وأيرلندا وهولندا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة. وفي ألمانيا، 73 في المائة من الأطفال المسجّلين عام 2017 يذهبون إلى مؤسساتٍ خاصة، ولكن 3 في المائة فقط من هذه المؤسسات هي مؤسسات ربحية. وفي 33 بلداً من البلدان المتوسطة الدخل، تشكّل الجهات الفاعلة غير الحكومية 46 في المائة من نسبة التحاق الأطفال دون سن 3، وتتراوح بين قُرابة الصفر في الاتحاد الروسي إلى 100 في المائة في تركيا. وهناك عدد قليل فقط من البلدان، بما فيها السلفادور، انتقلت إلى زيادة مشاركة الدولة في تقديم خدمات التعليم. وفي بلدان أمريكا اللاتينية، بما فيها كولومبيا وغواتيمالا وبيرو، اعتُمدت برامج رعاية الأطفال على نطاقٍ ضيّق وعلى أساس المجتمعات المحلية. يبدو تقديم خدمات التعليم على أساس المؤسسة المقدِّمة شائعاً نسبياً في البلدان الأكثر ثراءً، ولكنه بدأ بالظهور تدريجياً في البلدان الأكثر فقراً. ويكمن التحدّي الأساسي في أن فرص العمل في القطاع الرسمي تشكّل 30 في المائة فقط من العمالة في البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل.
الجهات الفاعلة غير الحكومية أكثر بروزاً في مرحلة ما قبل التعليم الابتدائي مقارنةً بالتعليم الأساسي. بين عامَي 2000 و2019، زادت حصة الالتحاق في المؤسسات الخاصة في إجمالي المؤسسات التربوية لمرحلة ما قبل التعليم الابتدائي من 28.5 في المائة إلى 37 في المائة، وقد بلغت 55 في المائة في شرق آسيا وجنوب شرق آسيا. وفي الصين، في إطار سياسة التنمية القائمة على تطوير الزراعة والصناعة بشكلٍ متوازٍ التي عُرفت بِـ “السير على ساقَين” (walking on two legs)، زادت نسبة المؤسسات الخاصة من 31 في المائة إلى 57 في المائة. وفي فييت نام، تراجعت نسبة التسجيل في مؤسسات التعليم الخاص من 60 في المائة عام 2003 إلى 12 في المائة عام 2014. وتتراوح النسب بين أقل من 1 في المائة في بلدان أوروبا الشرقية، بما فيها أوكرانيا، إلى أكثر من 95 في المائة في بلدان الكاريبي (على سبيل المثال أنتيغوا وبربودا) وبلدان المحيط الهادئ، حيث تُقدَّم خدمات التعليم إما على أساس المجتمع المحلّي (على سبيل المثال فانواتو) أو بالارتباط مع إرسالياتٍ دينية (على سبيل المثال ساموا). وتُعد شمال أفريقيا وغرب آسيا، على رأسها الجزائر ومصر، المنطقة التي سجّلت أكبر انخفاض في حصة المؤسسات الخاصة من الطلاب المسجّلين في مرحلة ما قبل التعليم الابتدائي، إذ تراجعت هذه الحصة من 53 في المائة عام 2000 إلى 36 في المائة عام 2019. وفي المقابل، بين عامَي 2000 و2018، شهدت حصة المؤسسات الخاصة زيادةً في إسرائيل من 5 إلى 36 في المائة، وفي الكويت من 26 إلى 45 في المائة.
تكاليف التعليم في مرحلة ما قبل التعليم الابتدائي في المؤسسات غير الحكومية قد تكون مرتفعة جداً بالنسبة للأُسر الأكثر فقراً. أظهرت الدراسات الاستقصائية حول الأُسر المعيشية أن البيانات الإدارية قللت من تقدير حصة الالتحاق بالمدارس غير الحكومية في ستة بلدانٍ أفريقية جنوب الصحراء الكبرى من بين كل سبعة بمتوسّطٍ قدره 20 نقطة مئوية. وبشكلٍ أساسي، تلبي المؤسسات غير الحكومية الطلب في المناطق الحضرية حيث تبدو هذه الخدمات شائعة التوافر، كما أنها تلبي طلب الأُسر الأكثر ثراءً القادرة على دفع تكاليفها. وكحصةٍ من الاستهلاك السنوي للأُسر المعيشية في غانا، يشكّل التعليم الخاص في مرحلة ما قبل التعليم الابتدائي 6 في المائة بالنسبة إلى الأُسر الأكثر ثراءً و17 في المائة بالنسبة إلى الأُسر الأشد فقراً، والنِّسب المعادلة في أثيوبيا هي 4 في المائة و21 في المائة.
مؤسسات التعليم غير الحكومي تشكّل تحدّياتٍ جدية لناحية الحوكمة والتنظيم. تتعقّد مسألة الحوكمة مع تعدُّد الجهات الفاعلة غير الحكومية. وقد وضعت كمبوديا لوائح وقرارات منفصلة تنظّم المدارس المجتمعية لمرحلة ما قبل المدرسة. في سري لانكا، يعني غياب الإطار التنظيمي المتعدد القطاعات يعني وجود حالات تداخل بين نطاق عمل الوزارات المختصة (وزارة التربية والتعليم، وزارة الصحة، وزارة شؤون المرأة والطفل) ونطاق عمل مجالس المحافظات. وفي لاغوس، نيجيريا، يرتفع احتمال تدخُّل وزارة التربية والتعليم لتفتيش المؤسسات التربوية الخاصة لمرحلة ما قبل المدرسة عندما تفرض رسوماً مرتفعة (68 في المائة) مما إذا كانت رسومها متدنية (48 في المائة). وفي نيروبي، كينيا، تخضع المدارس المجتمعية للتفتيش أكثر من المدارس الدينية أو الخيرية أو الربحية.
مستوى الجودة يختلف كثيراً في المدارس غير الحكومية. في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، يُرجَّح أن يكون معلّمو القطاع الخاص أقل تدريباً وأن يحظوا بفرصٍ أقل للتطوير المهني مقارنةً بزملائهم في القطاع العام. وعلى مستوى معلّمات روضة الأطفال في غانا، يخضع 8 في المائة فقط من المربيات في الروضات الخاصة لبرنامج التدريب في معهد التربية، مقابل 75 في المائة من المربيات في الروضات العامة، إذ ليست هناك متطلبات دنيا لتوظيف المعلمات في القطاع الخاص. كما أن استخدام اللغة الإنكليزية في التعليم داخل المؤسسات التربوية غير الحكومية لمرحلة ما قبل المدرسة، كما هي الحال في البرازيل، يشكّل مثالاً للتعارُض الحاصل بين المناهج الدراسية الملائمة لنمو الطفل والتصوُّرات الشائعة عن جودة التعليم.
هناك بلدان قليلة منخفضة ومتوسطة الدخل تعتمد إجراءات لضمان الجودة بما يتجاوز المتطلبات الإدارية. في جامايكا، حيث تُقدَّم خدمات التعليم أساساً من جانب مؤسسات غير حكومية، تعيّن وزارة التعليم مفتشين ذوي مؤهلاتٍ عالية؛ كما تعيّن موظفين آخرين يقومون بزيارةٍ شهريةٍ إلى الموقع لإعداد تقارير على أساس 12 معياراً وطنياً، تشمل التفاعل والعلاقة بين الأطفال، والمعلمين، وأولياء الأمور، ومقدّمي الرعاية، وأعضاء المجتمع المحلي. وتقوم الفلبين برصد المعايير الوطنية والكفاءات من خلال قائمة مرجعية لنماء الطفولة المبكرة مصادق عليها من الحكومة الفلبينية.
الجهات الفاعلة غير الحكومية تبتكر وتناصر من أجل الرعاية والتربية في مرحلة الطفولة المبكرة. تاريخياً، كان الخبراء في مجال التعليم يعملون خارج نظام التعليم الرسمي العام أو على هامشه لمواصلة سعيهم إلى تعليمٍ يركّز على الطفل. وقد لفت الباحثون الأكاديميون الانتباه إلى الفاعلية الطويلة الأجل لبرامج التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، مما يشجّع السلطات العامة على تطوير هذه البرامج. وتتولّى الجهات الفاعلة غير الحكومية المناصرة من أجل الأطفال المُستبعدين، حيث تعمل مع الأمهات في السجون في شيلي، ومع الأهالي الفقراء العاملين في الفلبين، ومع الأطفال في مؤسسات الرعاية في رومانيا. فبعض المؤسسات مثل مؤسسة برنارد فان لير، ومؤسسة آغا خان، ومؤسسات المجتمع المفتوح قد حشدت الدعم والمناصرة من أجل الرعاية والتربية في مرحلة الطفولة المبكرة.
مرحلة التعليم الجامعي
جميع البلدان تقريباً تؤمّن التعليم الجامعي من خلال جهات فاعلة حكومية وغير حكومية. حوالي 33 في المائة من الطلاب الجامعيين ملتحقون بجامعاتٍ خاصة حول العالم، مع وجود النسبة الأكبر منهم في آسيا الوسطى وجنوب آسيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. فزيادة المؤسسات الجامعية غير الحكومية تلبي مجموعةً من الطلبات. وترتبط مؤسسات ذات توجُّه ديني أو ثقافي بالتاريخ أو التقليد، وهو ما يلبي الطلب على “أنواعٍ مختلفة” من التعليم. وقد نشأت المؤسسات النخبوية نتيجة الطلب على تعليمٍ “أفضل”، غالباً من الأُسر الأكثر ثراءً. وفي النهاية، نشأت حديثاً مؤسسات صغيرة وغير طائفية لتلبية الطلب على “مزيد” من التعليم الجامعي، خاصة في سياق الميزانيات العامة المحدودة.
المؤسسات غير الحكومية لها تداعيات على جودة النظام التعليمي. المؤسسات التي تطلب رسوماً أقل تقدم مجالات دراسية محدودة وحسب، وغالباً ما تكون موجَّهة نحو التعليم المهني. في الهند، حوالي 40 في المائة من الكليات الخاصة تقدّم مجالاً واحداً فقط، وهو التعليم عموماً. الموظفون الأكاديميون في الجامعات غير الحكومية قد لا يعملون بدوامٍ كاملٍ – أقل من 20 في المائة هم في السنغال – وغالباً ما يعملون كأساتذة في وظيفة ثانية في الجامعات العامة. وفي ماليزيا، قد تصل نسبة الأساتذة العاملين في وظيفتَيْن إلى 80 في المائة من الطاقم التعليمي في الجامعات غير الحكومية الصغيرة والجديدة. كما أن التوجُّه نحو كسب الأرباح يؤدي إلى تحدّياتٍ إضافية لناحية الجودة، مرتبطة بتركيز الأسواق وترتيب أولويات العائدات مع التحسين الأكاديمي.
الشكوك حول الإنصاف تنشأ من المؤسسات التعليمية غير الحكومية. في البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا، تلعب الجهات الفاعلة غير الحكومية دوراً أكبر في مجموع الطلاب المُلتحقين بالتعليم لكنها ترتبط بتفاوتٍ أوسع في مستوى الحضور إلى المدرسة. وفي أوروغواي، يأتي حوالي 75 في المائة من الطلاب في المؤسسات التعليمية غير الحكومية من الخُمس الأغنى، بالمقارنة مع أقل من 40 في المائة في مؤسسات التعليم العام. ومع ذلك، تستطيع مؤسسات التعليم غير الحكومية أن تساعد في إتاحة سُبل التعليم للمجموعات المعرَّضة لخطر الاستبعاد. وفي المملكة العربية السعودية، جرى توسيع سُبل التعليم المتاحة للنساء عبر تقديم دورات مخصَّصة للإناث فقط، أما في ماليزيا فقد جرى توفير خدمات التعليم للسكان الصينيين والهنود الذين تمّ إقصاؤهم من مؤسسات التعليم العام بفعل توزيع الحصص العرقية. وعلى الرغم من ذلك، فإنّ تقديم خدمات التعليم بصورةٍ منفصلة على هذا النحو قد يشكّل خطراً على التماسك الاجتماعي.
الأطر التنظيمية قد تعكس نظرة الحكومة للجهات الفاعلة غير الحكومية. ترتبط اللوائح الصارمة بانعدام الثقة، فيما يبدو أن المواقف الأكثر تشجيعاً للجهات الفاعلة غير الحكومية قد تسهل عملية الاعتماد والرصد وحتى التمويل العام. وفي بعض البُلدان، تخضع المؤسسات الربحية لمبادئ توجيهية أكثر صرامة – حيث يمكن أن تُحظَر بالكامل، كما جرى في الأرجنتين وشيلي، أو قد تواجه قيوداً على الاعتمادات المخصَّصة في الميزانية، ومنها الحد الأقصى المفروض على عائد الاستثمار في الفلبين بنسبة 10 في المائة. وإجمالاً، فقد ساهمت آليات ضمان الجودة في مساعدة البلدان على إغلاق المؤسسات التي تشارك في ممارسة أعمال تجارية خادعة أو في تقديم خدمات ذات نوعية متدنية. في عام 2017، حددت لجنة التعليم العالي في باكستان 153 مؤسسة غير شرعية تعمل في البلاد. ولكن هناك غياب للموارد المخوّلة اعتماد المؤسسات غير الحكومية ورصدها.
ويبدو أن اللوائح الناظمة المعززة للإنصاف هي أقل شيوعاً من الأنظمة الإدارية. كما أن أنظمة الحصص (كوتا) أو المعايير الخاصة لقبول الطلاب والمصممة لتحسين فرص وصول الفئات المحرومة إلى مرحلة التعليم الجامعي لا تتوسع دوماً لتشمل مؤسسات التعليم العالي غير التابعة للدولة. وعندما تُطبَّق هذه الأنظمة والمعايير، كما هي الحال في الهند مثلاً، يقتصر الأمر على المؤسسات التي تتلقّى تمويلاً عاماً. أما الاستثناءات فتشمل إلزام المؤسسات غير الحكومية على تقديم منح أو منح دراسية لبعض الطلاب كما يجري في بوليفيا وإكوادور، وتغطية الرسوم الدراسية كما يجري في أذربيجان وكينيا.
طرائق تمويل المؤسسات غير الحكومية لها انعكاسات هامة على الجودة والإنصاف. تعتمد معظم المؤسسات غير الحكومية في تمويلها على الرسوم الدراسية، خاصةً الصغيرة وغير النخبوية منها. ولكن الحكومات تساهم أيضاً في تمويل المؤسسات التعليمية غير الحكومية في معظم البلدان. ففي إندونيسيا مثلاً، يحصل بعض الموظفين الأكاديميين على دعمٍ مالي مثل موظفي الخدمة المدنية، أما تايلند فتخصص صندوقاً خاصاً لدعم المؤسسات غير الحكومية. كما أن إتاحة الإفادة من الأموال العامة قد يساعد على تحسين الخدمات المُقدَّمة في المؤسسات غير الحكومية عبر تشجيع مبادرات البحث، أو قد يلزم هذه المؤسسات بتلبية معايير الجودة والمساواة إذا كان تقديم هذه الأموال مشروطاً.
تؤمّن الأُسر المعيشية الحصة الأكبر من تمويل التعليم الجامعي، مما يزيد الحاجة إلى دعمٍ من الدولة ومن غيرها. قد تقدّم الحكومات إعاناتٍ تستهدف تغطية الرسوم الدراسية في المؤسسات غير الحكومية كما يجري في البرازيل وشيلي، أو قد تدعم برامج القروض الطلابية المُتاحة في أكثر من 70 بلداً لكل طلاب مرحلة التعليم الجامعي. تقوم الجهات الفاعلة غير الحكومية بمساعدة الأُسر المعيشية على تغطية التكاليف عبر توفير منح دراسية مدفوعة من قبل شركات، ومؤسسات، ومنظمات غير حكومية، وفاعلي الخير، وكذلك عبر توفير قروض طلابية أو اتفاقيات حصص الدخل.
الجهات الفاعلة غير الحكومية تساهم في تمويل المؤسسات التعليمية بأشكالٍ متنوّعة غير تغطية الرسوم المالية. تشمل آليات التمويل الشائعة المشاركة في أنشطة السوق مثل تقديم الأراضي المُستأجرة، وتسويق المنتجات والخدمات، وزيادة رأس المال من خلال قروض وسندات. حتى منتصف عام 2020، بلغت قيمة إصدار السندات من قبل الجامعات حول العالم 11.4 مليار دولار أمريكي، أي أكثر من ضعف القيمة عام 2019. كما أن الجهات المانحة وفاعلي الخير يشكّلون أيضاً مصدراً هاماً لدخل المؤسسات من غير الرسوم الدراسية، وتمثل أكثر من نصف المجموع الذي جمعته مؤسسات التعليم الجامعي في الولايات المتحدة عام 2020.
تؤثر الجهات الفاعلة غير الحكومية على التعليم الجامعي عبر قنواتٍ مختلفة. يساعد اعتماد بعض الآليات، مثل الشراكات البحثية والمناصرة وإصلاحات الإدارة الحوكمية المناسبة للأعمال وكسب التأييد، على زيادة مستوى الشفافية وتعزيز القطاع. وهناك أيضاً آليات أخرى مثل التبرعات الضخمة التي تقدمها المؤسسات الربحية للسياسيين (هذا ما يجري مثلاً في البرازيل والولايات المتحدة)، قد تؤدي إلى تأثيرٍ غير مشروع على وضع السياسات وقد يضعف الحكم الذاتي المؤسسي.
التعليم التقني والمهني وتعليم الكبار
ساعدت الجهات الفاعلة غير الحكومية على توسيع نطاق خدمات التعليم التقني والمهني. عام 2019، اختار 38.5 في المائة من الطلاب حول العالم مؤسسات التعليم الخاص في مرحلة ما بعد التعليم الثانوي وخارج إطار التعليم الجامعي. وفي بُلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، التحق 44 في المائة من الطلاب بمؤسسات خاصة تقدم برامج قصيرة للتدريب المهني الجامعي. كما أن التعاون مع الجهات الفاعلة غير الحكومية كانت تهدف إلى جعل أنظمة التعليم والتدريب في المجال التقني والمهني (TVETً) أفضل من ناحية الاستجابة لاحتياجات سوق العمل كما أنها تعزز قدراتها ومواردها، حتى في البلدان التي تعتمد أنظمة عامة موحدة للتعليم والتدريب في المجال التقني والمهني. وفي سياقاتٍ أخرى، تعكف الجهات الفاعلة غير الحكومية على تقديم خدمات التعليم المهني بصورةٍ تكميلية من خلال الشراء التقليدي، ومبادرات التدريب المستقلة، والشراكات بين القطاع العام والخاص، التي غالباً ما يجري تنسيقها على مستوى الدولة. وفي البلدان الأكثر فقراً، تؤمّن الجهات الفاعلة غير الحكومية فرص الوصول العادل للفئات المحرومة إلى التعليم والتدريب في المجال التقني والمهني.
يلتزم أرباب العمل بالتدريب المهني الرسمي وغير الرسمي. في المسح حول انتقال الشباب من المدرسة إلى العمل (SWTS) الذي أجرته منظمة العمل الدولية، تبيَّن أن أقل من شخصٍ واحدٍ من بين 5 مشاركين تتراوح أعمارهم بين 15 و35 سنة في 33 بلداً قد خضعوا لتدريبٍ واحدٍ على الأقل في إطار تعليمهم. وقد تُعزا المشاركة الضعيفة في البلدان المنخفضة الدخل إلى الطابع غير الرسمي لأسواق العمل ونُظُم التدريب. فالحوافز المرتبطة بالتدريب قد تتلاشى إذا لم تخضع للتنظيم الكافي وإذا لم يُعترف بها بشكلٍ ملائم. ويمكن للمنظمات الوسيطة أن تيسّر الحوار مع أرباب العمل، وتعزز تجربة التعلُّم، وتضمن اختيار الموظف المناسب للوظيفة المناسبة، خاصةً في البلدان التي تفتقر إلى خبراتٍ راسخة في مجال التدريب.
تنمية المهارات المستمرة يوفّرها في الأغلب أرباب العمل في القطاع الخاص. بينما يُوجَّه التعليم والتدريب في المجال التقني والمهني نحو وظائف مهددة بخطر الأتمتة، يُعاد صقل المهارات وتعزيزها خارج الإطار التقليدي للتعليم. ويسود التدريب غير الرسمي برعاية أرباب العمل؛ وما يقدّمونه يكون على ارتباطٍ مباشرٍ بحجم المؤسسة. وقد أظهرت النتائج الواردة من برنامج قياس المبادرات في إطار مبادرة المهارات من أجل التوظيف والإنتاجية (STEP) التي أطلقها البنك الدولي، أنّ أرباب العمل يفضلون التدريب في أثناء العمل على البرامج الخارجية المقدَّمة من مؤسساتٍ رسمية عامة أو خاصة.
يبدو من الصعب إدارة نُظُم تطوير المهارات باعتماد الحوكمة القائمة على المشاركة. لا زالت نُظُم التعليم والتدريب في المجال التقني والمهني تتّسم بطابعٍ مركزي بصفةٍ رئيسية. وتهدف أُطُر التأهيل الوطنية في أكثر من 150 بلداً إلى رفع مستوى المشاركة في حوكمة التعليم والتدريب في المجال التقني والمهني وإلى جعله أكثر ملاءمة للهدف المنشود، رغم أن السلطات العامة لا زالت تسعى كأولوية إلى تعزيز الشفافية ووثاقة الصلة في المهارات. ويبدو أن آليات تأمين الجودة التي تُطبَّق جزئياً وحسب هي التي تعوق فعالية نُظُم التعليم والتدريب في المجال التقني والمهني. وتميل التفاعلات الحاصلة بين القطاع الخاص وقطاع التعليم إلى التركيز على تحديد المهارات بدلاً من تطوير المنهج الدراسي. فنُظُم تعزيز المهارات التي نجحت في التكيُّف مع التغييرات الاقتصادية هي تلك التي تعتمد على نُهجٍ ثلاثية الأطراف والتي تُشرك جهات فاعلة اجتماعية واقتصادية. وقد أُنشِئت شراكات من القطاعين العام والخاص الموجَّهة بالمعرفة من خلال مجالس المهارات القطاعية لتحسين فهم الاحتياجات في سوق العمل.
تعتمد نُظُم تنمية المهارات على تمويل من الدولة من خارجها. فضلاً عن المخصصات الحكومية المباشرة، تسعى نُظُم التعليم والتدريب في المجال التقني والمهني إلى الحصول على تمويل من مصادر متنوعة من خلال تدريبات مدفوعة من المخصصات أو مموّلة بمشاركة الشركات. كما أن الجهات الفاعلة غير الحكومية كانت تشارك مباشرةً في هذه النُظُم من خلال عمليات الشراء التنافسية، وإن أتت بنتائج متباينة. ويُشجَّع أرباب العمل على تقديم التدريب عن طريق برامج مدفوعة أو مموَّلة بالمنح. ومع ذلك، لا تستثمر الشركات على نحوٍ كافٍ على مستوى التدريب، وذلك لأن الحوافز المقدَّمة للتدريب تأتي دائماً أقل من الحوافز المقدّمة لاستجلاب المهارات المطلوبة مباشرةً من سوق العمل. وتقدّم الحكومات حوافز للأفراد عبر تغطية تكاليف التدريب بصورةٍ مباشرة أو غير مباشرة لحسابات أو مستحقات التعلُّم الفردي.
منظمات المجتمع المدني والمنظمات الأهلية تهيمن على برامج تدريب البالغين. من خلال مراكز التعلُّم التابعة للمجتمع المحلي، وبرامج محو الأمية وما شابهها، تتمكن المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني من الوصول إلى الفئات الضعيفة من الكبار الذين يُستبعدون تقليدياً من التعليم الرسمي. وفي بعض الحالات، تعتمد الحكومات على هذه الخدمات لتوفير برامج الفرصة الثانية ومحو أمية الكبار على المستوى الوطني؛ وفي سياقاتٍ أخرى، تشكل هذه الفئات تحدٍّ لمؤسسات التعليم التابعة للدولة، خاصة في أمريكا اللاتينية، على سبيل المثال الترويج لمحو الأمية في اللغات غير السائدة؛ وفي سياقاتٍ أخرى، تتأثر بأولويات المانحين. غير أن مشاركتها في تطوير السياسات الحكومية لا زالت محدودة، مع أنها أفضت إلى نتائج إيجابية في في أفريقيا الغربية والوسطى، حيث اعتُمدت استراتيجية اللامركزية العادلة (التي تُعرف باستراتيجية faire-faire) والاستعانة بالمصادر الخارجية، حيث تتولّى الدولة الإشراف وتوزيع الموارد فيما تتكفَّل الجهات الفاعلة غير الحكومية بتقديم الخدمات.
القطاع الخاص وسّع دوره ليشمل تعليم الكبار، خاصة في مجال تعليم اللغة. قد تشارك المؤسسات الخاصة في توفير التعليم للكبار من خلال التنمية المجتمعية، وغالباً في إطار المبادرات المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية للشركات أو بتقديم خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. كما أن الارتباط المتزايد بين تعلُّم اللغة وتقييمها قد شكَّل عاملاً جاذباً للشركات الربحية. حوالي 40 في المائة من متعلِّمي اللغة الإنكليزية في الأرجنتين وبيرو يدرسون في مؤسساتٍ خاصة لتعليم اللغة. وتجدر الإشارة إلى انتشار تعلُّم اللغة بمساعدة الأجهزة المتنقلة، مع أن فعاليتها لا تزال موضع نقاش.
Image credits : الفصل 1: Mikkel Ostergaard/Panos Pictures الفصل 2: Tarik Abdel-Monem الفصل 3: Jake Lyell/Alamy Stock Photo الفصل 4: Robbi Akbari Kamaruddin/Alamy Stock Photo الفصل 5: Chris Batson/Alamy Stock Photo الفصل 6: Save the Children الفصل 7: UNHCR/Lilly Carlisle الفصل 8: Rupert Oberhäuser/Alamy Stock Photo