Animation: Housatonic Design Network. Joris Vens/Super Formosa Photography.
الرسائل الرئيسية
ليس هناك جانبٌ من التعليم لا ينطوي على مشاركةٍ ما من الجهات الفاعلة غير الحكومية. ولوصف الوضع ببساطة، من دون الجهات الفاعلة غير الحكومية، تكون الدول وحدها مسؤولة عن تعليم 350 مليون طفل إضافي. ولكن المشاركة من جانب مؤسسات غير حكومية تؤثر أيضاً على الكتب المدرسية التي يستخدمها الأطفال، والطعام الذي يُقدَّم في مطاعم المدرسة، والمهارات التي يكتسبونها، وأمور كثيرة غير ذلك.
معظم الأشخاص يدعمون التعليم العام. هناك ثلاثة أشخاص من بين كل أربعة أشخاص في 34 بلداً متوسط ومرتفع الدخل يفضّلون مزيداً من الإنفاق العام على التعليم، وهذا الدعم يزيد كلما زادت أوجه عدم المساواة في البلد. ونحو تسعة أشخاص من بين كل عشرة أشخاص يرون أنه ينبغي تقديم خدمات التعليم في المقام الأول من القطاع العام.
ولكن هذا الدعم تناقص تدريجياً في عدّة بلدانٍ منخفضة ومتوسطة الدخل. في البلدان التي تعاني فيها المدارس العامة من نقصٍ في الدعم ومن تراجعٍ في النوعية، سحبت عائلات كثيرة دعمها للتعليم العام بإخراج أولادها من تلك المدارس. وزادت حصة المؤسسات الخاصة عالمياً بـ7 نقاط مئوية في خلال 10 سنوات تقريباً: 17 في المائة بحلول عام 2013 في المرحلة الابتدائية و26 في المائة بحلول عام 2014 في المرحلة الثانوية. وظلت هذه النسب ثابتة تقريباً منذ ذلك الحين. وفي آسيا الوسطى وجنوب آسيا، بلغت نسبة التسجيل في المؤسسات الخاصة 36 في المائة في المرحلة الابتدائية و48 في المائة في المرحلة الثانوية.
التعليم العام غالباً ما لا يكون مجاناً. تشكّل الأُسر المعيشية 30 في المائة من إجمالي الإنفاق على التعليم عالمياً، و39 في المائة منه في البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا. ويعود ذلك جزئياً إلى أن الأُسر الأكثر ثراءً تحاول أن تمنح أطفالها ميزةً تنافسية. ولكن يتم إنفاق نسبة كبيرة على مرحلة ما قبل التعليم الابتدائي، والمرحلة الابتدائية، والمرحلة الثانوية، التي تلتزم الحكومات بتقديمها مجاناً. وهناك حوالي 8 في المائة من العائلات التي تقترض من أجل تسديد تكاليف التعليم، وترتفع هذه النسبة إلى 12 في المائة في البلدان المنخفضة الدخل و30 في المائة أو أكثر في هايتي وكينيا والفلبين وأوغندا.
التعليم العام غالباً ما لا يكون شاملاً للجميع. يخفق عددٌ كبيرٌ من نُظُم التعليم العام في منع التقسيم الطبقي والتفريق. وبالاستناد إلى مؤشر التنوُّع الاجتماعي في المدارس، وهو مؤشرٌ قائم على برنامج التقييم الدولي للطلاب، تبيَّن أن الأرجنتين والبرازيل وشيلي والمكسيك كان لديها مستويات تفريق مرتفعة ومتشابهة عام 2018، رغم أن شيلي وحدها كانت عُرضة للانتقاد بسبب الحصة الكبيرة لمؤسسات التعليم الخاص في نظامها.
ولكن من الخرافة أيضاً القول إن المدارس الخاصة تعمل لخدمة الأكثر فقراً وتقدم جودة أفضل مقارنةً بالمدارس العامة. أظهرت البيانات الواردة من 30 بلداً منخفض الدخل ومتوسط الدخل أنه بمجرد حساب خصائص الأُسر المعيشية، فإنّ الزيادة الظاهرة في الالتحاق بمدارس خاصة تنخفض بمقدار النصف إلى الثلثَين. وفي عينة تضم 49 بلداً، تبيَّن أن الأكثر ثراءً يُرجح أكثر بعشرة أضعاف أن يلتحقوا بمدرسة خاصة مقارنةً بالفقراء. وأولياء الأمور القادرون على اختيار المدرسة يفعلون ذلك بسبب معتقدات دينية وملاءمة الظروف وخصائص ديمغرافية طلابية، بدلاً من معايير الجودة التي نادراً ما يمتلكون المعلومات الكافية حولها.
القدرة على التنظيم والرصد والإنفاذ قد تكون متدنية حيثما ترتفع الحاجة إليها. في تحليلٍ تناول 211 نظاماً من نُظُم التعليم للموقع الشبكي (PEER)، تبيَّن أن اللوائح الناظمة أكثر ميلاً للتركيز على التسجيل أو الموافقة أو منح الترخيص (98 في المائة)، وعلى شهادة الكفاءة التربوية (93 في المائة)، والبنية التحتية (80 في المائة)، ونسب التلاميذ/المعلّمين (74 في المائة). وتبدو اللوائح أقل احتمالاً للتركيز على الجودة أو المساواة: 67 في المائة منها ينظم تحديد الرسوم، و55 في المائة تمنع إجراءات قبول الطلاب الانتقائية في المدارس غير الحكومية، و27 في المائة منها يمنع جني الأرباح، وفقط 7 في المائة منها يحدد نسب دعم وصول الفئات المحرومة إلى الخدمات. ويظل التدريس الخصوصي غير منظَّم في 48 في المائة من البلدان فيما يخضع للتنظيم ضمن التشريعات التجارية في 11 في المائة من البلدان.
تكون الجهات الفاعلة غير الحكومية أكثر حضوراً حتى في تعليم مرحلة الطفولة المبكرة، والتعليم الفنّي، والتعليم الجامعي، وتعليم الكبار. ويكون ذلك أحياناً على حساب المساواة والجودة. وتعني التكلفة المرتفعة عموماً لمرحلة الطفولة المبكرة والتعليم العالي غير الحكومي أن النخب الحضرية تحظى بتمثيل زائد في هذه المؤسسات. وفي الولايات المتحدة، ارتبطت الجامعات الساعية إلى تحقيق أقصى قدر من الربح بزيادة نطاق الفساد وتدهور في نتائج الطلاب. وقد اضطرت مؤسسات تقدم تدريباً خاصاً عبر المنافسة في السوق أو أنظمة تطوير المهارات، مثل برنامج القروض الأسترالي (TVET FEE-HELP) والمؤسسة الوطنية لتطوير المهارات في الهند، إلى إعادة وضع عمليات المساءلة والرصد في اعتبارها لزيادة جودة الخدمات في القطاع الخاص وتحسين نتائج قابلية التوظيف.
يتعيَّن على الحكومات أن تنظر إلى كل المؤسسات التعليمية والطلاب والمعلِّمين باعتبارهم جزءاً من نظامٍ واحدٍ. ولابُد للحكومات من أن تستعين بالمعايير والمعلومات والحوافز والمساءلة اللازمة لتتمكن من حماية حق الجميع في التعليم وإعماله وينبغي لها أن تحول دون غضّ النظر عن التماس الحظوة أو الاستغلال لمصالح خاصة. فالتعليم المموَّل من القطاع العام لا يلزم تقديمه حصراً من المؤسسات العامة، ولكن ينبغي المضي في معالجة مباشرة للتفاوت في عمليات التعليم ونواتج تحصيل الطلاب وظروف عمل المعلِّمين. وينبغي ألاّ يُعدّ عُنصرا الكفاءة والابتكار سراً تجارياً؛ بل ينبغي نشرهما وممارستهما من قبل الجميع. لتحقيق ذلك، ينبغي الحفاظ على الشفافية والشمولية في عملية وضع السياسات العامة بشكلٍ يعطل المصالح الخاصة.